هيفيستوس وأفروديت.

 هيفيستوس وأفروديت

أسميته دون أن يعلم بهيفيستوس وهو اسم لآلهة يوناني يحكم النار ويحرقُ بها، تزوج هيفيستوس إمرأةً تدعى أفروديت وهي آلهة الحب، نقلاً عما قيل، أنه تزوجها رغماً عن أنفها.

 وفي هذا السياق، لطالما  تساءلت، لمَ لم تحبه أفروديت؟ أيعقل أن تجهلَ آلهةُ الحب نفسه أن العشق الممزوج بالنار أعني الحب المشتعل هو أبهى أولادُ الحب وتابعيه؟ كيف تُعمى أفروديت عند وضوحٍ مثل هذا؟ كيف تبردُ في لقيا حممٍ حميمية كأولئك؟ كيف؟ الكثير من خيوط الاستفسار ولا أحد منهم جدير بحياكة كرة صوف، عودةٌ إليّ، كنت بالفعل قد أخذتُ بقياس أفروديت على ذاتي، وبدأت في لومها كما أجلد ذاتي وأعترفُ أنني غاليتُ في مقارنة نفسي بها حتى توصلت إلى قرار قائلةً بحرارة: أنا أفروديت التي ستحب هيفيستوس، ولذلك سميت حبيبي بهيفيستوس.

 كان حبيبي هيفيستوس، طبقاً للأسطورة، يحبني حباً جماً ولا حتى جزيئات الثواني تستطيع الهرب من فمه والسكون إلا أذا عض هو غمازة دقني وقبلها تاركاً في القلب أثراً لا يمحى، ولمّا أنا صدقت تلك الخرافة، تزودت بسلاح الثقة أنه سيحبني، وقلت: أخيراً ستكسر أسطورة أفروديت التي تكره هيفيستوس.

ولكن الكون، ذاك الطفل المدلل، يحب اللعب، ولعبته المفضلة هي سرقة الكمال من كل شيء باعتباطٍ وعشوائية ولامنطقية كاملة

والكون يا عزيز إن أراد حصل وإن لم يرد لن يحصل، وهو، وبكل عشوائية قلب الموازين بين هيفيستوس وأفروديت الجديدين.

يُقال، حينما زرعت أفروديت الجديدة قلبها على الأرض التي يحكمها هيفيستوس لتثبت ملكيتها وإنتمائها إليه قام هيفيستوس بوضع قلبها على حدود أراضيه وكذب عليها قائلاً: "توضع أحب الخلق إلى قلب الملك على حدودِ أراضيه، حتى يُقال أول ما يدخل الناس أراضيّ، هذه محبوبة الملكِ ومعشوقته"، صدقت أفروديت الجديدة أقصد ملاك البلهاء تلك الكذبة وحولت ذاك القصر الراسخ في أول عالم هيفيستوس ذي الأسوار الضخمة الطويلة إلى جنة يأتي إليه إله النار في القرن مرة، يمتد على الأريكة وتقوم ملاك بلعق الحب المزيف له.

أما ماذا حصل بعد ذلك؟ فلم تلبث أطراف النميمة نيفاً حتى وصلت إلى أذن أفروديت قائلةً: "هيفيستوس وضع جسدكِ على الأطراف حتى يكونَ أول ما يُسبى من النساء"، وكما عادة الحمقاوات، أغلقت أفروديت الملاك أبواب القصر، وأخرجت جميع الخدم منه، وبقيت وحيدة، تحدث الأريكة التي يتمدد عليها هيفيستوس وتضع ذقنها على المخدة وتنام بعد ذلك أملاً بأن تستيقظ وترى هيفيستوس نائماً تحتها يغرز أسنانه في غمازتها، ولكن وكما يحكم الطفل والديه، يحكم دلال الكون ومزاجيته حياة الآلهة، تستيقظ أفروديت صباحاً على صوت طرق باب عنيف يهز القصر بأكمله، ترقص هي وتقول ألف مرة متتالية: هيفيستوس، هيفيستوس، لقد جاء هيفيستوس 

تصلُ إلى الباب، تبرز نهديها، تفرد شعرها البرتقالي وتمسك المفتاح لفتح الباب، تتجمد يداها!

 تتجمد يداها وتقول: ما كان هيفيستوس ليدق الباب، تحققت غَيَبات الخدم..

يدخل الجنود القصر، يشدون أفروديت من شعرها ويضعونها على أريكة هيفيستوس مقيدة ويحملونها جارية إلى مملكة جديد، تبعث تلك المسكينة رسالة من غياهبِ السجن إلى هيفيستوس قائلة: معشوقة الملك تحتاج المساعدة، أين العهد؟ حلمتُ أن أرى أثينا محترقة في تلك الليلة؟ لمَ تحمل إلى الأخبار متهامسة أنك تزوجت البارحة؟ 

يرد عليها هيفيستوس برسالةٍ أخرى: قلت لك، توضع أحب الخلق إلى قلب الملك على حدودِ أراضيه، حتى يُقال أول ما يدخل الناس أراضيّ، هذه محبوبة الملكِ ومعشوقته ولكنني لم أكمل، وتركت الغطاء ينجلي عن الجزء الأخير للرسالة لوحده، ويقول ذاك الجزءُ الأخير: هذه محبوبة الملكِ ومعشوقته، وهي أول أهله، سبيَها سيفتت كرامة الملك، أردت أن أتخلص منك بطريقة ما، على سبيل المثال، أن تسبيّ، وهذه الرغبة لم تكن لتتحقق لو لم أضع بيتكِ على حدودِ أراضي، يظهر بأنني لم أحبك يا ملاك، أنا فقط أحببتُ لعقك الماهر لحبيَّ المزيف..

تشعر أفروديت الملاك الآن بذنبها، وتعلم وقتها لمَ لم تحب أفروديت الأصلية هيفيستوس، تبكي، ولأنها تحبه، يرق قلبها عليه في النهاية وتظهر رغبةً في الغفران له، وحينما أرادت البدء في الشعور بذلك الغفران والرحمة، تتمتم لها رفيقتها في سجن الجواري، لمَ تبكين؟ أهجرَكِ رجل ما؟ كيف يستطيع رجل عاقل فعلَ ذلك؟ حتى الآلهة لن تتردد للحظة واحدة في الوقوع بحبك أيتها المرأة، ولكن الآلهة، ولسوء الحظ، لا يعرفونك.

تسمع أفروديت هراء تلك الجارية، تشتعل، تشتعل أفروديت، تحرق نفسها، السجن، المملكة

 تصبح سمراء بشعرٍ بني محروق

 وتلقب بعد ذلك اليوم بآلهة الكره.

 


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ملوخية مع أرز.

إنطوانيت الميتة، إنطوانيت الحيّة

نابلس وعبود وأنا.